البيانات الوصفية

مقدمة
في سياق الاتصالات الرقمية، تعد البيانات الوصفية “metadata” هي المعادل للظرف (المغلّف) الخاص بالرسائل الورقية، حيث يحتوي على معلومات عن الاتصالات التي ترسلها وتستقبلها. فعنوان رسائل بريدك الإلكتروني، وطول الرسالة، ومكانكم الجغرافي، والشخص الذي تتواصلون معه، كلها تعد أحد أنواع البيانات الوصفية. ويتم التعريف عن البيانات الوصفية أحياناً بأنها “كل المعلومات باستثناء محتوى الاتصال”.

مخاطر البيانات الوصفية
تاريخياً، البيانات الوصفية تحظى بحماية أقل بالأمور المتعلقة بالخصوصية من محتوى الاتصال نفسه. حيث تقوم الحكومات في عديد من الدول بالحصول على سجلات متعلقة بالأشخاص الذي قمتم بالاتصال بهم أو إرسال الرسائل النصية لهم. ما يسهل عليهم استخراج تسجيلات متعلقة بهذه المكالمات، وبالتالي تعد البيانات الوصفية هذه مفتاحاً خطيراً في يد الحكومات والأطراف الثالثة مثل المخترقين في الحصول على بيانات معينة عوضاً عن استعراض جميع البيانات لمعرفة ما يريدون الحصول عليه.
هؤلاء من يقومون بجمع البيانات الوصفية أو يدافعون عن شرعية وصولهم إليها، مثل الحكومات وشركات الاتصالات، يدعون بأن جمع هذه البيانات ليس بالأمر الخطير ولا يحتاج حماية للمستخدم منهم، إلا أن هذه الادعاءات لا يمكن اعتبارها صحيحة على الإطلاق، فكل جزء بسيط من بياناتكم الوصفية يستطيع أن يوجههم بدقة إلى معلوماتكم الحساسة التي يريدون الحصول عليها.
أمثلة عن المعلومات المرتبطة بالبيانات الوصفية
لنستعرض سوية أمثلة عن البيانات التي يمكن أن تعرفها الحكومات والشركات عنكم عبر الكشف عن البيانات الوصفية الخاصة بكم:

  • يمكنهم معرفة أنكم اتصلتم بصديقكم “رامي” عند الساعة 2:24 صباحاً، وتكلمتم لمدة 18 دقيقة. ولكن لا يمكنهم معرفة محتوى المكالمة من البيانات الوصفية.
  • يمكنهم معرفة أنكم اتصلتم برقم عمومي (إسعاف، إطفاء، شرطة، مقسم) من هاتف عام، ولكن لا يمكنهم معرفة محتوى الاتصال.
  • يمكنهم معرفة أنكم تلقيتم بريد إلكتروني من شركة استيراد وتصدير، ثم قمتم بالاتصال هاتفياً بهذه الشركة، ثم قمتم بفتح موقع الشركة، مع معرفة الوقت لكل من هذه العمليات. ولكن لا يمكنهم معرفة محتوى الاتصال، أو رسالة البريد الإلكتروني.

حماية البيانات الوصفية
حماية البيانات الوصفية من جمعها من قبل الشركات والحكومات يعد مشكلة حقيقية تقنياً، لأن الأطراف الثالثة (مثل مزود خدمة البريد الإلكتروني) بحاجة لمعرفة المرسل والمستقبل لإيصال الرسالة بنجاح، ينطبق الأمر أيضاً على شركات الاتصال الهاتفي، فهم بحاجة لمعرفة رقمكم ورقم الطرف الآخر لوصلكم ببعض.
لا يوجد حل مطلق لهذه المشكلة، إلا أن هناك العديد من الخدمات والأدوات التي تسعى جاهدة للحد من كمية البيانات الوصفية المتعلقة بالمستخدمين. ويجدر ذكر خدمات مثل “تور” (Tor) و”ريكوشيه” (Ricochet). وإلى أن يتم إصدار تشريعات وقوانين تتعلق بحماية البيانات الوصفية للمستخدمين، يبقى الحل الوحيد حالياً هو الحذر من المواقع والخدمات والبيانات الوصفية التي تقوم بتوفيرها، واللجوء إلى البرامج والخدمات التي تضمن لكم التخلص من بياناتكم الوصفية التي تعد خطراً عليكم وعلى هويتكم الحقيقية.

في السنوات القليلة القادمة ستبدأ البرامج والأجهزة في الاعتماد أكثر على ما يسمى الميتاداتا ، وقد بدأت بعض الشركات وبرامج المشاريع الحرة في استخدام الميتاداتا في برمجها لتنظيم المحتويات وتسريع عملية البحث عنها.
 
فما هي الميتا داتا؟ هي بيانات عن البيانات
ماذا يعني ذلك؟
تخيل أنك سافرت إلى مصر للسياحة، وكنت تحمل معك كاميرا رقمية تصور بها المعالم السياحية هناك، عدت من سفرك ولديك عشرات أو مئات الصور، لنأخذ صورة واحدة، هذه الصورة تحوي بيانات تشرح لنا بعض تفاصيلها، فكل صورة تحوي معلومات عن حجمها (10 ميغابايت مثلاً) وتحوي معلومات عن قياسها (1200 بكسل × 1600 بكسل) وتحوي معلومة عن تاريخ التقاطها، وربما من التقطها وبأي كاميرا، كل هذه المعلومات تسمى ميتاداتا
 
فهي معلومات تصف لنا الصور والتي هي بدورها نوع من المعلومات، عندما تدخل هذه الصور في حاسوبك وفي برنامج خاص بالصور ينظمها فإنه سيعتمد على الميتاداتا لكي ينظم لك المحتويات، فمثلاً يمكنك أن تستعرض الصور التي التقطتها في رحلتك هذه، ويمكنك إضافة معلومات أكثر لكل صورة، فمثلاً يمكن أن تضيف معلومات أن كل هذه الصور التقطت في مصر، وإذا كانت هناك صورة للأهرامات مثلاً فأضف كلمة: أهرامات، هكذا يمكنك أن تعود لهذه الصورة في ما بعد بسرعة وتنظمها بسهولة