تأمين الوصول إلى السجلات الطبية الإلكترونية

تأمين الوصول إلى السجلات الطبية الإلكترونية

تأمين الوصول إلى السجلات الطبية الإلكترونية

أصبح أمن التصفح جزءًا لا يتجزأ من حماية السجلات الطبية الإلكترونية في عصر الرعاية الصحية الرقمية. تواجه الفرق الطبية تحديات متزايدة في تأمين الوصول إلى الأنظمة الإلكترونية دون المساس بخصوصية المريض. توضح هذه المقالة أبرز المخاطر الرقمية وتقدم حلولًا تقنية وسلوكية فعّالة لضمان حماية المعلومات الصحية الحساسة.

شهد قطاع الرعاية الصحية تحولًا جذريًا نحو الرقمنة، حيث أصبحت السجلات الطبية الإلكترونية (EHRs) من الأسس الجوهرية لإدارة بيانات المرضى. لكن هذا التحول الرقمي، رغم فوائده، صاحبه تصاعد في التهديدات السيبرانية التي تستهدف خصوصية المريض وسرية المعلومات الصحية. في هذا السياق، لم يعد أمن الأنظمة فقط هو المحور، بل صار أمن التصفح اليومي لمقدمي الرعاية الصحية تحديًا قائمًا بحد ذاته، يستوجب إدارة واعية واستراتيجيات تقنية دقيقة.

حساسية المعلومات الصحية الإلكترونية

تُعد البيانات الصحية من أكثر أنواع المعلومات حساسية، نظرًا لطبيعتها الشخصية وشمولها تفاصيل دقيقة عن الحالة البدنية والنفسية للفرد. إن تسرب هذه المعلومات قد يؤدي إلى أضرار اجتماعية أو مالية للمريض، ويعرّض المؤسسات لمساءلات قانونية ومخاطر تتعلق بالسمعة. لذا، فإن الحفاظ على سرية هذه البيانات خلال عمليات التصفح اليومي يعد أولوية قصوى.

التحديات التي تواجه مقدمي الرعاية الصحية في أمن التصفح

1. الوصول متعدد المواقع والأجهزة

يستخدم الأطباء والممرضون أحيانًا أجهزة متنوعة للوصول إلى السجلات الطبية، من مكاتبهم أو أثناء التنقل داخل المنشأة. هذا التنوع يزيد من احتمالية التعرض لاختراقات، خاصة إذا لم تُستخدم شبكات آمنة أو أدوات مصادقة قوية.

2. ضعف الوعي الأمني لدى بعض الموظفين

لا يمتلك جميع العاملين في المجال الصحي خلفية تقنية كافية لفهم المخاطر المرتبطة بصفحات تسجيل الدخول المزيفة، أو النوافذ المنبثقة الخبيثة، أو رسائل البريد الاحتيالية.

3. نقص في تطبيق سياسات التصفح الموحدة

غالبًا ما تفتقر المؤسسات الصحية إلى سياسات واضحة تحدد كيفية تصفح الأنظمة الحساسة، أو الإجراءات التي يجب اتباعها عند التعامل مع الروابط غير الموثوقة.

4. تهديدات داخلية أو غير مقصودة

أحيانًا ما تُعرّض تصرفات بسيطة مثل ترك الجهاز مفتوحًا أو مشاركة كلمات المرور بيئة التصفح للخطر، ما يؤدي إلى تسريب بيانات دون اختراق تقني مباشر.

استراتيجيات تأمين التصفح لمقدمي الرعاية الصحية

1. استخدام المتصفحات الآمنة والمعزولة

يفضَّل اعتماد متصفحات ذات خصائص أمنية مشددة، أو تشغيل الجلسات ضمن بيئات معزولة (Sandbox Browsing)، ما يمنع انتقال التهديدات إلى النظام الأساسي.

2. تفعيل المصادقة متعددة العوامل (MFA)

يسهم دمج أكثر من وسيلة تحقق، مثل الرسائل النصية أو التطبيقات المخصصة، في منع الوصول غير المصرح به حتى في حال تسريب بيانات الدخول.

3. تطبيق حلول DNS الآمن

يساعد تفعيل بروتوكولات مثل DNS over HTTPS في منع إعادة التوجيه إلى مواقع تصيّد تحاكي بوابات الدخول إلى أنظمة السجلات الطبية.

4. التدريب المستمر للموظفين

يجب تنظيم دورات توعية دورية تركز على أمثلة واقعية لهجمات تصيّد أو اختراقات حدثت في القطاع الصحي، وتعليم الموظفين كيفية التفاعل الآمن مع الإنترنت.

5. إدارة صلاحيات التصفح بدقة

يجب تحديد من يملك صلاحية الوصول إلى أجزاء معينة من السجل الطبي، وربط تلك الصلاحيات بمستوى الأمان المفروض على جلسات التصفح، لتقليل سطح الهجوم.

الأمان أثناء التصفح خارج المؤسسة

في حالات العمل عن بُعد أو تقديم استشارات طبية من خارج المؤسسة، تزداد المخاطر المرتبطة بشبكات غير آمنة أو أجهزة شخصية غير محمية. لذلك، من الضروري:

استخدام الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN)
منع استخدام الأجهزة غير المُدارة للوصول إلى الأنظمة
تعطيل حفظ كلمات المرور تلقائيًا في المتصفحات
تنفيذ سياسات فصل تام بين الحياة الشخصية والمهنية في الاستخدام الرقمي

التكامل بين أمن التصفح والبنية التحتية الصحية الرقمية

يتطلب تأمين التصفح بناء بنية تقنية داعمة، تشمل:

أنظمة مراقبة سلوكية للكشف عن التصفح غير المعتاد
وحدات تحكم مركزية لإدارة الجلسات وتحديد صلاحياتها
حلول حماية النقاط النهائية (EDR) للكشف عن التهديدات المباشرة

عند تكامل هذه الأنظمة مع تدريب الكادر، تُبنى بيئة صحية رقمية قادرة على مقاومة التهديدات.

الأثر القانوني والإداري لسوء إدارة أمن التصفح

في حال تسريب معلومات عبر جلسة تصفح غير آمنة، تُعرّض المؤسسة لعقوبات قانونية بموجب قوانين مثل HIPAA أو GDPR. كما يمكن أن يتعرض الموظف للمساءلة المهنية، خصوصًا إن ثبت تقصيره في اتباع السياسات المعتمدة. لذلك، تُعد سياسات أمن التصفح جزءًا من الحوكمة الرقمية للمنشأة الصحية.

مع تطور الأنظمة الصحية الرقمية، يتطلب الحفاظ على أمن المعلومات الصحية أكثر من مجرد حواجز تقنية. فالتصفح الواعي، المدعوم بسياسات أمنية ذكية، هو ما يضمن استمرارية الخدمة وجودتها وحماية المريض. كل نقرة داخل نظام السجلات الطبية هي مسؤولية، وعلى كل فرد في القطاع الصحي أن يتعامل معها على هذا الأساس.

شارك