الحماية من الاستغلال عبر إعلانات الإنترنت (Malvertising): كيف تتصفح بأمان

الحماية من الاستغلال عبر إعلانات الإنترنت (Malvertising): كيف تتصفح بأمان

الحماية من الاستغلال عبر إعلانات الإنترنت (Malvertising): كيف تتصفح بأمان

تُمثل إعلانات الإنترنت الملوثة وسيلة خطيرة لتوزيع البرمجيات الخبيثة على المستخدمين دون علمهم. تهدف هذه المقالة إلى شرح آلية عمل هجمات الإعلانات الضارة، وتوضيح التهديدات الكامنة فيها، مع تقديم استراتيجيات وأدوات تقنية وسلوكية تساعد على تصفح الإنترنت بأمان ووعي متزايد.

مع توسع سوق الإعلانات الرقمية، بات من الطبيعي أن تتكامل الإعلانات مع كل صفحة يزورها المستخدم. إلا أن هذه الإعلانات، والتي يفترض أن تكون بريئة، أصبحت في بعض الأحيان وسيلة مباشرة لاختراق الأجهزة وسرقة البيانات. تُعرف هذه الظاهرة باسم Malvertising، وهي تمثل أحد أشكال الهجمات الإلكترونية الأكثر خفاءً وخطورة.

لذلك، يتطلب التصدي لها وعيًا رقميًا ومجموعة أدوات حماية تُطبّق بشكل متكامل، وهو ما تناقشه هذه المقالة.

ما هو Malvertising؟

يشير مصطلح Malvertising إلى الإعلانات الرقمية التي تحتوي على أكواد ضارة تُفعّل تلقائيًا عند عرض الإعلان، دون الحاجة إلى النقر عليه. الغريب في الأمر أن هذه الإعلانات لا تظهر دائمًا في مواقع مجهولة أو مشبوهة؛ بل تظهر أحيانًا داخل مواقع شهيرة وتصل للمستخدم من خلال شبكات إعلانية موثوقة.

في لحظة غير متوقعة، يبدأ الكود الخبيث بجمع بياناتك، أو يُعيد توجيهك إلى موقع مزيف، أو يُحمّل برمجية تجسس بصمت.

كيف يعمل هذا النوع من الهجمات؟

يعتمد Malvertising على إدخال كود برمجي ضار داخل الإعلان نفسه. عند تحميل الصفحة، ينفّذ الكود دون إذن المستخدم. يُعرف هذا النمط بـ Drive-by Downloads، لأنه لا يتطلب أي تفاعل مباشر. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم المهاجمون تقنيات تشفير وإخفاء متقدمة حتى لا تكتشفه أنظمة الحماية.

عادةً، يتغيّر محتوى الإعلان بشكل ديناميكي. أي أن الإعلان يبدو سليمًا خلال مراجعة أمنية أولية، لكنه يتحول إلى نسخة ضارة عند استهداف جهاز معين.

من هم المستخدمون الأكثر عرضة؟

بينما قد يتأثر أي شخص، يواجه بعض المستخدمين خطرًا أكبر، مثل:

  • العاملين في الصحافة أو الحقوق الرقمية
  • موظفي المؤسسات التي تحتوي على بيانات حساسة
  • المستخدمين الذين يتصفحون من شبكات عامة أو غير مؤمّنة
  • الأفراد الذين لا يستخدمون أدوات حجب الإعلانات أو مضادات الفيروسات الحديثة

ومع ذلك، تظل الخطورة قائمة لكل من يستخدم الإنترنت دون حماية مناسبة.

ما الأدوات والاستراتيجيات التي توفر الحماية؟

لحسن الحظ، يمكن تقليل خطر Malvertising بشكل كبير من خلال الدمج بين أدوات رقمية وممارسات واعية:

1. تثبيت إضافات حظر الإعلانات

تعتبر أدوات مثل uBlock Origin وAdGuard من أكثر الطرق فعالية لإيقاف Malvertising قبل أن يبدأ. إذ تمنع هذه الأدوات تحميل الإعلان بالكامل، ما يعني منع الكود الضار من التفعيل أصلًا.

2. تعطيل JavaScript عند الحاجة

يعتمد معظم الكود الضار المضمّن في الإعلانات على JavaScript. عند تعطيله في المواقع غير الموثوقة، تمنع تنفيذه بالكامل.

3. استخدام متصفح آمن

يفضّل اختيار متصفح يركّز على الخصوصية مثل Brave أو Firefox، لأنهما يملكان ميزات متقدمة لحظر التتبع والإعلانات الضارة.

4. تفعيل التحديثات التلقائية

غالبًا ما تستغل هذه الهجمات ثغرات غير مغلقة. لذلك، من الضروري تحديث المتصفح ونظام التشغيل بانتظام لإغلاق تلك الثغرات قبل أن تُستغل.

5. الاعتماد على أدوات الحماية السحابية

توفر برمجيات الحماية السحابية (cloud-based) قدرة أفضل على التعرف على أنماط Malvertising الجديدة مقارنة بالأدوات التقليدية.

6. عزل التصفح عند الضرورة

إن استخدام تقنيات “Sandboxing” أو المتصفحات المعزولة يقلل من تأثير أي كود يتم تشغيله. حتى لو نفذ، لن يستطيع الوصول إلى بيانات النظام أو الشبكة الأوسع.

ممارسات سلوكية تعزز الحماية

لا تكفي الأدوات وحدها. السلوك الآمن أثناء التصفح يساهم في تقليل فرص التعرض للخطر. لذا يُنصح بما يلي:

  • تجنب النقر على أي إعلان، مهما بدا موثوقًا
  • عدم تحميل أي ملف من نافذة منبثقة أو إعلان مجهول
  • استخدام بريد إلكتروني مخصص للتسجيل في الخدمات الثانوية
  • قراءة عناوين الروابط بعناية قبل فتحها، خاصة المختصرة
  • الابتعاد عن المواقع التي تطلب تعطيل أدوات الحماية لتصفحها

إشارات الإصابة التي يجب عدم تجاهلها

في بعض الحالات، تظهر أعراض تشير إلى إصابة محتملة بسبب Malvertising، ومنها:

  • بطء مفاجئ في المتصفح أو الجهاز
  • استهلاك زائد لوحدة المعالجة بدون سبب
  • فتح نوافذ غير معتادة أو ظهور رسائل تحذير غريبة
  • إعادة التوجيه التلقائي إلى مواقع إعلانية أو وهمية

إذا لاحظت أحد هذه الأعراض، توقف فورًا عن التصفح، وافصل الاتصال بالإنترنت، ثم شغّل فحصًا شاملًا باستخدام أداة حماية موثوقة.

ماذا تقول الدراسات؟

أفادت دراسة أجراها مركز Cyber Threat Alliance عام 2023 أن 62% من هجمات البرمجيات الخبيثة المرتبطة بالإعلانات حدثت ضمن مواقع مصنفة “آمنة”. كما أظهرت دراسة أخرى من جامعة ميتشيغان أن استخدام أدوات حجب الإعلانات قلل الإصابة بـ Malvertising بنسبة 89%.

تشير هذه النتائج إلى أن الخطورة ليست في الموقع فقط، بل في البنية الإعلانية نفسها.

لا يمكن تجاهل أن الإنترنت بات يحتوي على تهديدات مدمجة داخل عناصر يومية، مثل الإعلانات. ومع استمرار المهاجمين في تطوير أساليبهم، يحتاج المستخدم إلى التطور بالمقابل. عبر استخدام الأدوات المناسبة، وتبني سلوك واعٍ، وتحديث الأنظمة باستمرار، يمكن لأي مستخدم أن يحوّل تجربة التصفح إلى رحلة أكثر أمانًا وموثوقية.

شارك