يُعد JavaScript أحد الأعمدة الأساسية لبناء الإنترنت الحديث، إذ يستخدمه المطورون لإضافة تفاعلات ديناميكية للمواقع. لكن للأسف، يستخدمه المهاجمون أيضًا لشن هجمات خفية تستهدف المستخدمين أثناء تصفحهم دون أي تفاعل منهم. ومن هنا، تبرز أهمية الوعي بهذه التهديدات الرقمية المتقدمة، والاعتماد على أدوات دفاعية فعّالة تقلل خطرها إلى الحد الأدنى.
ما المقصود بهجمات JavaScript الخفية؟
يحقن المهاجمون كود JavaScript خبيث داخل مواقع تبدو موثوقة. وعندما يحمّل المستخدم الصفحة، يبدأ الكود في تنفيذ مهماته دون الحاجة إلى نقر أو إذن. تُستخدم هذه الأكواد في تسجيل ضغطات المفاتيح، سرقة الجلسات، تنفيذ عمليات تعدين للعملات الرقمية، أو خداع المستخدم بواجهات مزيفة.
لا تتطلب هذه الهجمات مهارات متقدمة من الضحية، فهي تحدث تلقائيًا أثناء التصفح، ما يجعلها فعالة وخفية في آنٍ واحد.
كيف تنتقل هذه الأكواد إلى صفحات الويب؟
تعتمد الكثير من المواقع على خدمات طرف ثالث كالإعلانات أو التحليلات. يضيف المطورون سكربتات خارجية، ومن خلالها ينجح المهاجمون في تمرير أكوادهم. في حالات أخرى، يستدرجون الضحية للنقر على رابط مُرسل عبر بريد إلكتروني مزيف يؤدي إلى صفحة مليئة بالسكربتات الخبيثة.
وبالتالي، تُصبح هذه الهجمات جزءًا من البنية العادية للويب، رغم خطورتها الشديدة.
لماذا يصعب اكتشافها؟
يتجنب الكود الضار الاكتشاف لأنه يعمل بنفس طريقة عمل الأكواد العادية. يستخدم المتصفح في تنفيذ المهام، ولا يظهر أي نافذة أو تحذير. وعندما يُشفَّر الكود أو يُقسَّم إلى أجزاء صغيرة، يصعب حتى على أدوات الأمن المتقدمة أن ترصده فورًا.
بل على العكس، قد يعتقد المستخدم أن الموقع آمن لأن واجهته مألوفة ولا تبدو مشبوهة.
من الفئات المستهدفة أكثر من غيرها؟
يركّز المهاجمون عادة على مستخدمي الإنترنت النشطين في المجالات الحساسة. يستهدفون الصحفيين، المدافعين عن حقوق الإنسان، العاملين في القطاعات المالية، أو موظفي الشركات الكبرى. ويرجع ذلك إلى القيمة العالية للبيانات التي يمكن سرقتها من أجهزتهم.
مع ذلك، لا أحد محصن. حتى المستخدم العادي قد يقع ضحية عندما يتجاهل أساليب الحماية الأساسية.
كيف تحمي نفسك من هذه الهجمات؟
لمنع JavaScript الخبيث من الوصول إليك، اتبع الخطوات التالية:
1. استخدم متصفحًا آمنًا
اختر Firefox أو Brave. يحتوي كلاهما على إعدادات مدمجة لحظر السكربتات الخطيرة وتتبع السلوك المشبوه للمواقع.
2. ثبّت إضافات حماية متقدمة
أضف NoScript أو uBlock Origin إلى متصفحك. تسمح لك هذه الإضافات بالتحكم الكامل في السكربتات التي تعمل داخل الصفحات، وتمنع تلك غير المصرّح بها.
3. فعّل التصفح المعزول
شغّل المتصفح في بيئة افتراضية أو معزولة، باستخدام أدوات مثل Sandboxie. إذا تم تحميل كود ضار، سيبقى محصورًا داخل بيئته، دون أن يؤثر على جهازك.
4. حدّ من السكربتات في المواقع غير المعروفة
عند دخولك موقعًا مجهولًا أو جديدًا، عطّل JavaScript مؤقتًا. وبعد التأكد من أمانه، يمكنك تفعيله عند الحاجة.
5. حدّث المتصفح والإضافات بانتظام
تصدر الشركات تحديثات أمنية بشكل دوري. عند تثبيت هذه التحديثات فورًا، تحمي نفسك من الثغرات التي يستخدمها المهاجمون غالبًا.
علامات تحذيرية لوجود كود خبيث
انتبه للعلامات التالية، فقد تشير إلى وجود سكربت خفي:
- أداء الجهاز يصبح بطيئًا دون سبب واضح
- مروحة الجهاز تدور بشكل غير اعتيادي
- ارتفاع استهلاك المعالج والذاكرة
- فتح نوافذ منبثقة مجهولة المصدر
- إعادة توجيه تلقائية إلى مواقع غير مألوفة
في هذه الحالة، أوقف التصفح فورًا، وامسح ملفات تعريف الارتباط، ثم استخدم أداة موثوقة لفحص جهازك.
دور التوعية المؤسسية
يجب على المؤسسات وضع سياسة أمنية واضحة وتدريب الموظفين على مواجهة التهديدات الرقمية. يمكن لفريق تقنية المعلومات إعداد كتيّبات توعوية، وتقديم تدريبات دورية، ومراقبة نشاط الشبكة لرصد أي سلوك غير معتاد.
عندما يدرك الجميع كيفية عمل التهديدات الإلكترونية، تصبح البيئة المؤسسية أكثر أمانًا.
ما تقوله الأبحاث
نشرت جامعة MIT دراسة عام 2023 أظهرت أن 71% من السكربتات الخبيثة تسرّبت عبر شبكات الإعلانات الشرعية. كما بيّنت الدراسة أن المؤسسات التي فرضت حظرًا على JavaScript من أطراف ثالثة قلّ لديها خطر الهجمات بنسبة 65%.
تُثبت هذه الإحصائيات أن أدوات الحماية البسيطة تُحدث فارقًا كبيرًا عند استخدامها بانتظام.
بينما نستخدم JavaScript لتجربة إنترنت أكثر تفاعلية، يستخدمه البعض كأداة للاختراق الخفي. لذلك، يجب أن نتعامل مع هذه اللغة بقَدَر من الحذر، لا الخوف. استخدم الأدوات المناسبة، حدّث أنظمتك، ولا تمنح أي موقع صلاحيات غير ضرورية. هكذا تحمي بياناتك وتبقى تجربتك الرقمية أكثر أمانًا وخصوصية.