اعتمدت الحكومات في السنوات الأخيرة تقنيات بيومترية لتحسين إدارة المطارات وضبط الحدود. ركّزت هذه الأنظمة على تقليل أوقات الانتظار وتوفير مستويات أمان أعلى.
لكن، بالرغم من مزاياها الواضحة، طرح المستخدمون مخاوف حقيقية تتعلق بمكان تخزين بياناتهم البيومترية، والكيفية التي تُستخدم بها.
ما الذي يميز الجوازات البيومترية؟
أدرجت الجوازات البيومترية شريحة رقمية صغيرة تحتوي على بيانات حساسة، مثل صورة الوجه وبصمة الإصبع.
تتيح هذه الشريحة للأنظمة الأمنية قراءة البيانات خلال ثوانٍ ومطابقتها تلقائيًا مع المستخدم.
بالتالي، تمكّن هذه التقنية المطارات من تقليل الاعتماد على التحقق اليدوي وتسريع المرور دون التضحية بالأمان.
كيف تُطبق المطارات الذكية هذه الأنظمة؟
ركّبت المطارات أجهزة كاميرات متطورة وقارئات بصمة تعمل مع أنظمة التعرف الآلي.
عندما يقترب المسافر من بوابة العبور، تلتقط الكاميرا صورته في الوقت الفعلي.
ثم تطابق الخوارزمية هذه الصورة مع البيانات المسجلة في الشريحة البيومترية الخاصة بجواز السفر.
عند تحقق المطابقة، تفتح البوابة تلقائيًا ويستمر المسافر دون تدخل بشري.
أين تخزن السلطات هذه البيانات؟
اتبعت الدول استراتيجيات مختلفة في تخزين البيانات البيومترية.
احتفظت بعض الحكومات بالبيانات داخل الجواز فقط، مما يمنح المسافر تحكمًا أكبر.
لكن حكومات أخرى أنشأت قواعد بيانات مركزية ترتبط بجميع نقاط التفتيش في البلاد.
ورغم أن هذا النموذج يسهل التحقق عبر المواقع المختلفة، إلا أنه يرفع مستوى المخاطر الأمنية إذا لم تُدار البيانات جيدًا.
من يملك حق الوصول إلى هذه البيانات؟
أعطت الحكومات صلاحيات الوصول لجهات مثل الأمن الوطني، وإدارات الهجرة، وشركات الطيران.
في بعض الحالات، شاركت الدول بيانات المسافرين مع شركاء دوليين ضمن اتفاقيات أمنية.
كلما زادت الجهات التي تملك حق الوصول، زادت احتمالات سوء الاستخدام أو التسريب.
لهذا السبب، تبرز الحاجة إلى رقابة قانونية شفافة وآليات مساءلة واضحة.
كيف تحمي الأنظمة هذه البيانات؟
استخدمت معظم الجهات تقنيات تشفير قوية وبروتوكولات مصادقة متعددة.
كما طوّرت وحدات الأمن السيبراني أدوات لتقسيم البيانات الحساسة وتوزيعها على أنظمة غير متصلة مباشرة بالإنترنت.
علاوة على ذلك، نفذت بعض المطارات مراجعات أمنية منتظمة واختبارات اختراق لتحديد نقاط الضعف.
لكن في بعض الدول، أدى غياب الكفاءات التقنية إلى تسريبات غير مقصودة، مما كشف ضعف البنية التحتية الرقمية.
هل تضمن القوانين حماية الخصوصية؟
تفوّق الاتحاد الأوروبي في هذا المجال عبر لائحة حماية البيانات العامة (GDPR).
فرضت هذه اللائحة شروطًا صارمة على جمع البيانات البيومترية، وألزمت الجهات بالحصول على موافقة واضحة من المستخدم.
كما منحت اللائحة الأفراد الحق في معرفة مكان تخزين بياناتهم، وكيفية استخدامها، والقدرة على حذفها.
لكن العديد من الدول، خاصة في العالم النامي، لا تطبق معايير مماثلة، مما يُعرض خصوصية ملايين المسافرين للخطر.
ما أبرز التحديات القانونية والأخلاقية؟
ينبع القلق الأكبر من احتمال استخدام البيانات في أنشطة رقابية دون علم المستخدم.
كما أن بعض الأنظمة لا توفر وسائل للاعتراض، أو تطلب حذف البيانات بعد انتهاء الرحلة.
زاد هذا الوضع من قلق منظمات الحقوق الرقمية، التي طالبت بتشريعات تحمي المستخدم وتضع حدودًا واضحة أمام الحكومات.
كيف يمكن تحقيق التوازن؟
ينبغي للحكومات أن تصمم أنظمة تحقق لا تحتفظ بالبيانات بعد إتمام العملية.
كذلك، يمكنها توفير واجهات رقمية تتيح للمستخدمين التحكم في معلوماتهم، مثل معرفة وقت جمع البيانات أو طلب حذفها.
عندما يشعر المسافر بالشفافية والوضوح، تزداد ثقته بالنظام، ويصبح أكثر استعدادًا لتبني التكنولوجيا.
وفرت الجوازات البيومترية والمطارات الذكية حلولًا فعالة لإدارة السفر، لكن الحفاظ على خصوصية المستخدم لا يقل أهمية عن تسريع العبور.
يجب على الحكومات أن تستثمر ليس فقط في التقنية، بل أيضًا في الحوكمة، والقوانين، والثقافة التنظيمية.
فقط عند الجمع بين الابتكار الرقمي والإطار القانوني المتوازن، يمكن ضمان تجربة سفر آمنة وعادلة.