عندما يصبح الإنترنت أداة خطر بدل تمكين
في أغلب الدول النامية، يستخدم الناس هواتف قديمة على شبكات بطيئة للوصول إلى الإنترنت. ومع ذلك، يعتمدون عليها لتحويل الأموال، إرسال المستندات، أو حتى للتعليم والعمل. لكن في كثير من الحالات، لا يدرك هؤلاء أنهم يتركون بياناتهم مكشوفة لكل من يملك نوايا سيئة.
في هذا السياق، لا يبدو التشفير رفاهية رقمية، بل ضرورة إنسانية.
ما الذي يمنع حماية البيانات في هذه الدول؟
ليست المشكلة في غياب الأدوات فقط، بل في عدة عوامل مترابطة:
- ضعف الاتصال بالشبكة يجعل الحماية مكلفة زمنيًا
- الأجهزة الرخيصة لا تدعم التشفير المكثف
- التطبيقات غالبًا لا تدعم اللغة أو الثقافة المحلية
- الوعي بأهمية الخصوصية لا يزال محدودًا
- بعض الحكومات تحظر استخدام أدوات الحماية الحديثة
لكن رغم كل هذه العقبات، يمكن أن نصنع فرقًا حقيقيًا إذا بدأنا من احتياجات المستخدمين أنفسهم.
كيف نجعل التشفير في متناول الجميع؟
1. خوارزميات خفيفة لا تحتاج أجهزة قوية
استخدام خوارزميات مثل ChaCha20 وCurve25519 يسمح بتطبيق التشفير دون الضغط على المعالج أو استهلاك البطارية.
2. واجهات تلقائية وسهلة الفهم
بدل أن يُطلب من المستخدم “تشغيل التشفير”، يجب أن يكون مدموجًا تلقائيًا في التطبيقات. بهذه الطريقة، يستفيد منه حتى من لا يفهم المصطلح.
3. اللغة المحلية أولًا
عندما تظهر الرسائل والإعدادات بلغة المستخدم، يشعر بالسيطرة. لا حاجة للترجمة الحرفية فقط، بل للشرح البصري والمبسط للمفاهيم الأمنية.
4. نشر الوعي بأساليب إبداعية
التدريب لا يجب أن يكون تقنيًا أو مملًا. يمكن استخدام المسرح، الفيديوهات القصيرة، أو حتى القصص المصورة لتوصيل المفاهيم. الفكرة أن يشعر المستخدم أن الأمان حقه، وليس عبئًا تقنيًا.
ماذا يحدث عندما يُتاح التشفير للجميع؟
- يتجرأ الناس على مشاركة آرائهم دون خوف
- تنشأ مشاريع صغيرة بثقة أكبر على الإنترنت
- يتم تقليل الابتزاز الرقمي وتسريب البيانات
- تتحول المجتمعات من مستهلكة إلى واعية رقميًا
الأمان ليس فقط مسألة تقنية، بل مسألة تمكين.
ما دور كل طرف؟
- على الحكومات أن تضع تشريعات تحمي المستخدم لا تراقبه
- الشركات يجب أن تصمم تطبيقات تراعي ضعف الاتصال وبساطة الأجهزة
- المجتمع المدني عليه إيصال هذه المعرفة بأسلوب إنساني وقريب من الناس
بدون هذا التعاون، سيظل التشفير محصورًا في فئة قليلة تملك القدرة واللغة والمال.
من الحماية إلى العدالة الرقمية
لن ينجح التحول الرقمي إذا لم يشعر الجميع بالأمان أثناء استخدامه. والتشفير ليس ميزة، بل حق.
إذا لم نُصمّم أدوات الأمان للجميع، فإننا نصمم الخطر للباقين.