اللعب المتصل… متعة للطفل وكنز للمعلنين
لم يعد اللعب نشاطًا مستقلًا عن الإنترنت. معظم ألعاب الأطفال اليوم تطلب الوصول إلى الكاميرا أو المايكروفون، وتجمع بيانات حساسة مثل الموقع الجغرافي وسجل التفاعل. الشركات تستخدم هذه المعلومات لبناء ملفات سلوكية دقيقة عن الطفل. الأسوأ من ذلك، أن الطفل لا يدرك طبيعة هذه المخاطر، ولا يمكنه الموافقة الواعية على ما يجري.
ما نوع المعلومات التي تُجمع من الطفل؟
حتى التطبيقات الأبسط تجمع كمًا هائلًا من البيانات:
- الموقع الجغرافي
- الأصوات من الميكروفون
- الصور من الكاميرا الأمامية
- الأنشطة داخل التطبيقات
- مدة الاستخدام وتكراره
كل هذه العناصر تُحلل لإنشاء نمط رقمي فريد عن الطفل يمكن استغلاله لاحقًا في الإعلانات أو التجسس.
دور التشفير: حماية هادئة لكن حاسمة
التشفير يحوّل كل معلومة حساسة إلى بيانات غير قابلة للفهم دون المفتاح الصحيح. عند تطبيقه على أجهزة الأطفال وتطبيقاتهم، يُمنع المتطفلون والمعلنين من قراءة أو إعادة استخدام تلك البيانات. وعندما تُشفر الاتصالات بين التطبيق والخوادم، لا يمكن حتى لمزودي الخدمة تتبع ما يجري داخل التطبيق.
التطبيقات التعليمية… ليست دائمًا آمنة
قد يبدو تطبيق تعليمي للرسم أو العدّ غير ضار. لكنه في كثير من الأحيان يطلب صلاحيات تتجاوز مهمته، مثل الوصول إلى جهات الاتصال أو ميكروفون الجهاز. العديد من هذه التطبيقات لا تستخدم أي تشفير عند إرسال البيانات، ما يتيح للمتسللين أو الشركات استغلالها بسهولة.
خطوات عملية للأهل والمربين لحماية الطفل
يمكن لأي شخص، حتى بدون خلفية تقنية، حماية بيانات طفله من خلال:
- تحميل التطبيقات من متاجر موثوقة فقط
- مراجعة الأذونات المطلوبة قبل السماح بها
- استخدام شبكات VPN خاصة عند الخروج من المنزل
- تفعيل التشفير التلقائي في إعدادات الجهاز
- إعداد حساب مستخدم خاص بالطفل على الجهاز
- حذف التطبيقات غير المستخدمة بانتظام
- التأكد من أن الجهاز يستخدم أحدث نسخة من النظام
الألعاب المتصلة: متعة بواجهة… وخرق بالخلفية
تعتمد ألعاب كثيرة على الاتصال المستمر بالإنترنت، ما يسمح لها بجمع بيانات مستمرة دون توقف. بعض الألعاب التي تتحدث مع الأطفال أو تتفاعل معهم بالصوت تقوم بتخزين المحادثات، بل وترسلها إلى خوادم في دول أخرى. اختيار الألعاب التي توضح أسلوب جمع البيانات وتستخدم بروتوكولات تشفير قوية أمر غير قابل للتفاوض.
تشريعات الخصوصية موجودة… لكنها لا تكفي
رغم وجود قوانين مثل COPPA وGDPR-K التي تفرض حماية خصوصية الأطفال، إلا أن تنفيذ هذه القوانين يبقى متفاوتًا عالميًا. كثير من التطبيقات تستهدف الأطفال لكنها تسجّل نفسها كأنها مخصصة للكبار، لتتفادى القيود. لذلك، تبقى مسؤولية الأهل والمدارس والمربين في مراقبة ما يُستخدم، وكيف، ومن يقرأ البيانات.
تشفير بدون تعقيد: هذه الخيارات مناسبة للجميع
حتى من لا يملك خلفية تقنية يمكنه الاستفادة من أدوات تشفير بسيطة وفعالة:
- استخدام تطبيقات VPN مثل ProtonVPN
- تثبيت متصفحات مخصصة للأطفال مثل Zoodles
- اختيار أنظمة تشغيل تتيح الرقابة الأبوية المشفرة مثل Family Link من Google
- تفعيل المصادقة الثنائية على الحسابات التي يدخل منها الطفل
الطفل لا يستطيع الدفاع عن خصوصيته… لكن نحن نستطيع
الطفولة لا تعني فقط الأمان الجسدي، بل الحماية الرقمية أيضًا. لا يمكن للطفل أن يفرّق بين تطبيق ترفيهي بريء وآخر خبيث. وهنا يأتي دور التشفير كدرع صامت لكنه فعّال، يسمح للطفل بالتعلم واللعب والاكتشاف، دون أن يكون ثمن ذلك اختراقًا لخصوصيته.